خرج عن السيطرة.. التضخم في تركيا يرفع الأسعار بشكل غير مسبوق

خرج عن السيطرة.. التضخم في تركيا يرفع الأسعار بشكل غير مسبوق

رغم تسجيل انخفاض في معدل التضخم في تركيا لشهر سبتمبر، فإن هذا الانخفاض لم يكن كافياً للسيطرة على الأزمة المستمرة، وفقاً لما يراه المحللون. 

يعتبر التضخم في تركيا خارج نطاق السيطرة في ظل عدم اتخاذ الحكومة الإجراءات الحاسمة التي قد تسهم في الحد من ارتفاع الأسعار، وفق وكالة "فرانس برس".

تعاني تركيا من تضخم متسارع منذ عامين، حيث بلغ ذروته عند 85.5% في أكتوبر 2022، بينما سجل ارتفاعاً جديداً بمعدل 75.45% في مايو 2023. 

وعلى الرغم من البيانات الرسمية التي أشارت إلى انخفاض معدل التضخم السنوي إلى 49.38% في سبتمبر، فإن مجموعة ENAG المستقلة أفادت بأن المعدل الفعلي للتضخم وصل إلى 88.6% خلال نفس الشهر.

السياسات المالية والاقتصادية

يعزو الخبراء هذا التضخم المرتفع إلى السياسات الحكومية غير الفعالة، حيث يفضل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خفض معدلات الفائدة بدلاً من رفعها، مخالفاً بذلك السياسة التقليدية لمحاربة التضخم. 

وعلى الرغم من أن أردوغان أعلن عن تراجع التضخم وأكد أن "الأوقات الصعبة باتت خلفنا"، فإن اقتصاديين يعتقدون أن أسعار الاستهلاك في تركيا أصبحت "مزمنة"، مما يعني استمرار التضخم في مستويات مرتفعة.

وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة مرمرة، محمد شيمشان، إن الانخفاض الراهن في التضخم يعود بشكل كبير إلى تأثير القاعدة التي يحتسب على أساسها التضخم، حيث لا يزال ارتفاع الأسعار الشهري مرتفعاً، إذ بلغ 2.97% في تركيا و3.9% في إسطنبول، مضيفا أن "هذا لا يمكن اعتباره قصة نجاح".

التحديات الاقتصادية

اعتبر إرينتش يلدان، أستاذ الاقتصاد بجامعة قادر هاس، أن السياسات المالية الحالية تُركز على القطاع المالي على حساب الاقتصاد الحقيقي. 

وأوضح أن رفع معدلات الفائدة الأساسية، التي وصلت إلى 50% بعد سلسلة من الزيادات خلال الفترة بين يونيو 2023 ومارس 2024، قد ساعد في كبح التضخم بشكل مؤقت لكنه لم يقدم حلاً نهائياً.

وفي السياق، أشار يعقوب كوتشوكال، أستاذ الاقتصاد بجامعة كارادينيز التقنية، إلى أن عجز الميزانية الضخم، الذي بلغ 129.6 مليار ليرة (3.45 مليار يورو)، يمثل أحد أبرز التحديات الاقتصادية. 

وذكر أن هذا العجز يعود جزئياً إلى الإنفاق الكبير على إعادة إعمار المناطق التي تضررت جراء زلزال فبراير 2023.

عقود الشراكة وتفاقم العجز

تواجه تركيا تحدياً آخر يتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث يشير المنتقدون إلى أن هذه العقود غالباً ما تؤول إلى شركات مرتبطة بالحكومة، ما يزيد من العبء على الميزانية. 

تشمل هذه العقود مشاريع بناء البنية التحتية مثل الطرق السريعة والمطارات، وغالباً ما ترافقها ضمانات مالية حكومية، مما يزيد من العجز الحكومي.

ويرى كوتشوكال أن هذه العقود تعد "ثقباً أسود" يستهلك موارد الميزانية، مضيفاً أنه ينبغي إعادة النظر في هذه العقود التي ترتبط تعويضاتها بالدولار أو اليورو، مما يضعف الليرة ويزيد من التضخم.

تأثير التضخم على الأسر

تشير التقارير إلى أن الأسر ذات الدخل المنخفض هي الأكثر تضرراً من سياسات مكافحة التضخم، حيث إن القوة الشرائية لهذه الفئات تظل منخفضة بشكل كبير. 

يوضح كوتشوكال أن الحد الأدنى للأجور لم يتم رفعه منذ يناير، مما يزيد من معاناة هذه الفئات.

وفي الوقت نفسه، يعتبر يلدان أن الإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة، مثل تقليص خدمات التنظيف في المدارس، تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة وتضر بالفئات الأكثر فقراً. 

وأوصى بفرض ضرائب على الثروة والتعاملات المالية كإجراءات بديلة للتخفيف من حدة التضخم.

يستمر التضخم في تركيا كأحد أبرز التحديات الاقتصادية، حيث تتوقع دراسة أجرتها جامعة كوش أن يصل التضخم إلى 94% بحلول نهاية العام، وهو أعلى بكثير من توقعات المصرف المركزي. 

يرى المحللون أن المستقبل الاقتصادي لتركيا لا يزال غير مؤكد ما لم يتم اتخاذ إصلاحات هيكلية جذرية لمكافحة التضخم وضبط الأسواق.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية